كيف تقاوم الزهايمر بالفاكهة والخضراوات
الحقائق العلمية التي أكدتها الأبحاث هي أن كل ما يأكله الإنسان يؤثر تأثيراً مباشراً على ذاكرته وقدرة المخ على الاستيعاب وله علاقة كبيرة بضعف الذاكرة أكثر من تقدم العمر أو الجينات الوراثية.
د. طارق رضا رئيس وحدة أبحاث السمنة والنحافة بالمعهد القومي للتغذية في القاهرة وعضو الجمعية الأميركية لعلوم التغذية واستشاري التغذية وأمراض السمنة في المملكة العربية السعودية, يشرح علاقة التغذية بالذاكرة وما الأغذية التي تساعد على تنشيط الذاكرة وزيادة التركيز وكيف أن تناول الخضراوات والفواكه الطازجة بانتظام يساعد المخ على تحسين أدائه وزيادة درجة التركيز وخطورة اتباع الأنظمة الغذائية القاسية بغرض إنقاص الوزن والاكثار من شرب المنبهات مثل القهوة والشاي.
في البداية يقول د. طارق: اختيار الغذاء الصحي الآمن أصبح أمراً ضرورياً للحفاظ على حياتنا والوقاية من أمراض تطاردنا وباتت سمة العصر كالسرطان وأمراض القلب والشيخوخة المبكرة والزهايمر وغيرها من الأمراض ذات الصلة المباشرة بالنمط الغذائي الذي نتبعه, والقادر وحده إذا ما تم تعديله على إعادة الاتزان الى الجسم وعلاجه من الأمراض الجسدية والذهنية. إذ لا جدال أن الخضراوات والفاكهة تأتي في مقدمة المعالجات الطبيعية لكثير من الأمراض لما تحتويه من عناصر غذائية مهمة ومكملة للجسم وتمده بالبروتينات والدهون والأملاح والفيتامينات ومضادات الأكسدة للخلايا, والتي تحفز تحديدا خلايا المخ وتنشطها وتدفعها الى القيام بوظيفتها على أفضل وجه, وتجنبها المشكلات الذهنية مثل ضعف الذاكرة والنسيان والاكتئاب وغيرها من التوترات النفسية التي تترك آثاراً سلبية بشكل أو آخر على المخ.
ويضيف: مرض الزهايمر يصيب كبار السن ولم يكن معروفاً في الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي, وكان يعرف في ذلك الوقت بالعته عند كبار السن, ولكن بعد دراسات كثيرة للمخ وتحليل الأنسجة والخلايا, اتضح أن هناك تغيرات تحدث داخل المخ وتعد المسبب الأول لحدوثه, ومع تطور أساليب التحاليل أمكن تعريفه وتشخيصه إكلينيكيا بدقة وتحديد العوامل المساعدة على حدوثه وأعراضه النفسية والعصبية وطرق الوقاية منه, حيث وجد أن المصابين به يعانون من خلل في الوظائف الذهنية مثل ضعف الذاكرة والتفكير وخلل في استرجاع المعلومات القريبة والذاكرة القديمة وعدم القدرة على ترتيب الأحداث والكلمات وبعد ذلك يفقد المريض الإحساس بالزمن والمكان والأشخاص الذين كان يعرفهم, فهو مرض يدمر الذاكرة ببطء وبصورة قاتلة, كما يقضي على الشخصية والوعي والإدراك الذاتي للمريض, ويكفي لإدراك مدى خطورته أن نؤكد أنه يدمر نحو 36 مليار خلية عصبية تتكون منها خلايا مخ الإنسان. عموما فإن الطعام هو الأساس المعزز لقوى الإنسان البدنية والعقلية وهو حجر الزاوية لأداء العمليات المختلفة داخل وخارج الجسم, والمؤثر الأول على الذاكرة بشكل خاص, فقد وجد العلماء أن اتباع نظم غذائية معينة يكثر بها الخضراوات والفاكهة يؤثر على أداء المخ ويطيل عمر خلاياه وقد يؤدي الى تنظيم العمليات العقلية أو عرقلتها.
كيف يكون النظام الغذائي أكثر تأثيراً على المخ من عوامل تقدم السن والشيخوخة?
الأبحاث العلمية الطبية التى أجرتها جامعة كولمبيا الأميركية والتي كنت أحد الباحثين بها, أكدت أن النظام الغذائي للإنسان له علاقة كبيرة بضعف الذاكرة وبما يفوق بالفعل عوامل السن والجينات الوراثية ووجدت أن كل ما يأكله الإنسان يؤثر بصورة مباشرة على الذاكرة وقدرة المخ مع التقدم في العمر, فرغم أن حجم المخ يمثل فقط 2 بالمئة من وزن جسم الإنسان إلا انه يستهلك 30 بالمئة من السعرات الحرارية اللازمة للجسم على مدى اليوم ويقوم بحرق هذه الطاقة بسرعة كبيرة وبالتالى فإن نشاط خلايا المخ وحيويتها والتي تضاعف من درجات تركيز الإنسان وتعمل على تقوية ذاكرته يتوقف على مدى السعرات الحرارية التي يقوم بحرقها. لذا فإن اختيار أنظمة غذائية آمنة صحياً وتتوافر بها المركبات التي تحتاجها خلايا المخ لتواصل عملها بنشاط وبلا انقطاع حتى أثناء النوم أمر حتمي وبطبيعة الحال فإن الخضراوات والفاكهة تعد العمود الفقري للأنظمة الغذائية الآمنة لمقاومة مرض "الزهايمر" اللعين ومكافحته.
هل يمكن أن نحدد قائمة من الخضراوات والفواكه التي يمكنها مقاومة الزهايمر?
كثير من أنواع الخضراوات والفواكه الطازجة في حالة الاعتماد عليها بصورة منتظمة في غذاء الإنسان تعمل على تنشيط خلايا المخ وتقاوم مرض الزهايمر, الى جانب مكافحة عدد من الأمراض الأخرى الخطيرة, وأيضاً تبطئ من عملية الوصول الى مرحلة الشيخوخة, حيث تحمي الخلايا من الأضرار الطبيعية التي تحدث مع مرور الوقت, وربما أهمها أو يأتي في مقدمتها التفاح الذي يحتوي على مادة "الكويرستين" شديدة المقاومة لأكسدة خلايا المخ الى جانب المانغو والبرتقال واليوسفي والجوافة وهي فواكه غنية بفيتامين "C" المضاد للأكسدة أيضاً وتحمي خلايا المخ من الضمور, وهناك التوت البري والطماطم والشاي الأخضر والبرتقال والخوخ والبرقوق والعنب الأحمر والبصل والباذنجان والخس والسبانخ والفلفل الأخضر والخيار والبسلة الخضراء والفراولة والجرجير والكنتالوب, وبالمناسبة فإن تناول ما بين ثمرة الى ثلاث ثمرات يومياً من هذه الفواكه أو الخضراوات يكفي لتنشيط وحماية خلايا المخ.
ما أهم الوجبات الغذائية التي يجب أن تضم الخضراوات والفاكهة لتجنب المشكلات الذهنية?
وجبة الإفطار بالطبع, فهي شديدة الأهمية وحتماً يجب أن يتواجد فيها الخضراوات والفاكهة لتجنب عدم التركيز والنسيان والتوهان والعصبية الزائدة, فالمخ تحديداً يحرق طاقة الجسم بصورة كبيرة حتى أثناء النوم وبالتالي فإن الإفطار من أهم الوجبات اليومية لتخزين الطاقة وتجنب المشكلات الذهنية مثل النسيان وعدم التركيز ونقص القدرة الذهنية والبدنية, فالجسم عند الاستيقاظ من النوم يكون في أقل حالات نشاطه وينخفض مستوى السكر في الدم بشدة نتيجة استهلاك السكر في الدم خلال النوم في عمليات التنفس والهضم وضخ الدم الى القلب ومنه الى أجزاء الجسم, لذلك تعتبر وجبة الإفطار المتوازنة اليومية مع التقليل من استهلاك المنبهات مثل الشاي والقهوة والنسكافيه وغيرها من أهم الطرق لتنشيط خلايا المخ وزيادة التركيز وتنشيط الذاكرة.
مم تتكون وجبة الإفطار المثالية?
هي الوجبة التي تجمع بين البروتين الحيواني قليل الدهون من البيض والألبان ومنتجاتها مع تواجد أنواع من الخضراوات, مثل الجرجير والخس والفجل والفلفل الأخضر والطماطم بالإضافة الى عصير البرتقال أو الليمون الطازج أو الكنتالوب والقليل من ثمار الكريز أو العنب.
وما الذي تسببه المشروبات المنبهة ويتطلب الابتعاد عنها رغم أنه يفترض أنها تقوي الذاكرة وترفع من حالة التركيز والانتباه?
المنبهات تزيد حالة التركيز والانتباه لكن ليس في جميع الأوقات, بل قد تحدث أثراً عكسياً وهو ما نخشاه. لذا يجب الإقلال منها وليس الامتناع عنها, فمثلاً كوب من القهوة يومياً بعد الإفطار يساعد على التركيز والعمل بطريقة أسرع وبكفاءة عالية وذهن شديد الصفاء ولكن ماذا لو تم تناوله في فترة المساء? على الفور سيسبب الإحساس بالتوتر والأرق وقلة عدد ساعات النوم, ولن يحصل جسم الإنسان على قسط الراحة اللازم له وبالتالي يؤثر ذلك على ذهن الإنسان وتركيزه في اليوم التالي وقدراته الاستيعابية عموماً حتى ولو تناول في ذلك الصباح عدداً من المشروبات المنبهة. ولهذا فإن الاعتدال والتوازن في تناول المشروبات المنبهة أمر شديد الأهمية.
البعض وخصوصاً النساء ينتظمون في برنامج غذائي شديدة القسوة من أجل إنقاص الوزن وهو ما يتبعه شعور بعدم التركيز والوهن, فهل من الممكن أن يهددهم ذلك بالإصابة بمرض الزهايمر?
بلا جدال هي في طريقها اليها إن لم تكن قد أصيبت بها بالفعل وبدأت خلايا المخ في الضمور والاتجاه نحو أشد أنواع الزهايمر قسوة, فلا يمكن أن نعالج بلاء ببلاء آخر أكثر صعوبة, وأمر طبيعي أن تؤثر الأنظمة الغذائية القاسية أو غير المتوازنة لإنقاص الوزن على النشاط الذهني للإنسان وتصيبه بالوهن والتعب والإجهاد وبالتالي يصيب الذاكرة بالشلل التام لعدم حصول الجسم على السعرات الحرارية اليومية اللازمة لتنشيط الاستيعاب الذهني, لذا لابد من اتباع نظام غذائي سليم ذي سعرات حرارية مناسبة لسن الفرد ووزنه والطاقة الأساسية التي يحتاجها والطاقة المستهلكة منه على مدى اليوم بحيث لا يفقد أكثر من 2.5 كيلوغرام أسبوعيا حتى يكون من دون مضار صحية على نشاطه الذهني والبدني وبالتالي يتخلص من الدهون بطريقة صحيحة.
ما أهم العناصر أو المركبات في الفاكهة والخضراوات التي يحتاجها الإنسان لتنشيط ذاكرته وزيادة نسبة تركيزه ومقاومة الزهايمر?
أبرزها على الإطلاق نسبة الحديد التي يجب أن تكون مرتفعة, حيث تساعد على سهولة نقل الأكسجين الى خلايا المخ وبالتالي تنشيطها, فمع انخفاض نسبة الحديد في الدم يصاب الإنسان بالأنيميا وهو ما يصاحبه الشعور بالإجهاد وقلة الحماس وانخفاض مستوى الأداء في العمل وربما التوتر والاكتئاب الى جانب الأثر المباشر المتمثل في ضعف الذاكرة وقلة التركيز وبالتالي يكون الإنسان عرضة لمرض الزهايمر, وهنا لابد من اتباع أنظمة غذائية تكثر بها نسبة الحديد المتوافر في الخضراوات والفاكهة وليس البروتين الحيواني. لذا يجب الإكثار من تناول السبانخ والفلفل الأخضر والخضراوات الورقية مثل الجرجير والفجل والخس والبقول الجافة مع ضرورة الاهتمام برفع نسبة فيتامين "سي" كعامل مساعد على مكافحة الانيميا وذلك عبر الإكثار من تناول الفاكهة الغنية به كالبرتقال والتفاح, فالدراسات العلمية أكدت أن جسم الإنسان لديه قدرة فائقة وسريعة على امتصاص الحديد من الخضراوات والفاكهة وبما يفوق كثيراً قدرته على استخلاصها من البروتين الحيواني المتوافر في اللحوم على سبيل المثال, مع العلم أن تناول الشاي عقب الطعام مباشرة خطأ فادح حيث يمتص الحديد بالكامل ويعوق استفادة الجسم منه بل يجب الامتناع عنه قبل تناول الطعام بنحو 3 ساعات على أقل تقدير.
لماذا لم يتم اكتشاف دواء فعال وحاسم في مواجهة الزهايمر حتى الآن?
الأمر ليس سهلاً, والزهايمر حير العلماء لا جدال في ذلك وجميع العلاجات الكيميائية المتوافرة له حاليا تكافح ظهور المرض أو توقف ضمور الخلايا ونجحت بالفعل في ذلك إلى حد كبير ولكنها في نهاية الأمر لا تعالجه بشكل نهائي لأنه مرض صعب ومازال يحتاج الى المزيد من الأبحاث لاكتشاف دواء حاسم له مثله مثل مرض السكري الذي اكتشف العلماء أن هناك 150 جينا يؤدي الى ظهوره ومنذ أوائل القرن الماضي حيث تم اكتشاف الأنسولين وحتى الآن لم يتم الوصول لعلاج فعال لمريض السكري, رغم تحديد الجينات والأبحاث قائمة لاكتشاف طرق الشفاء وليس العلاج من مرض السكري لأن العلاج موجود بالفعل لكن الشفاء التام مازال يحير العلماء.
ألست معي أن أنماطنا الغذائية الخطأ وراء تفشي المشكلات الذهنية?
بالطبع, فمثلاً عندما تنظر في أي ثلاجة منزلية نجد كل ما لذ وطاب من أفخر أنواع الشيكولاتة والحلوى والعجائن وغيرها من الأشياء شديدة الضرر بصحة الإنسان ويقبل عليها الأطفال بطبيعة الحال, من دون أن تدرك أسرهم أنها تقلل من كفاءة خلايا أجسادهم العصبية وبالتالي تضعف نشاطات المخ, فيجب أن نغير هذا النمط الغذائي على الأقل من أجل أبنائنا وهو أمر سهل وبسيط, فماذا سيحدث لو استبدلت الأم وعاء الحلوى بآخر فيه ماء وبعض الشرائح الطازجة من الجزر أو الخيار أو البرقوق أو التوت أو الخس أو غيرها من الخضراوات والفواكه? بالطبع ستقبل عليها الأسرة بأكملها وليس الأطفال فقط, وبالتالي تستفيد أجسامهم من مكونات هذه الخضراوات والفاكهة وعناصرها الغذائية الهائلة وتكون قد أنقذت أسرتها من براثن ما قد يكون لذيذا أو مذاقه مذهلا ولكنه يدمر خلايا المخ ويوقف نشاطها تدريجياً, وعموماً فإنه يجب التأكيد على أن تغيير نمط الحياة والالتزام بممارسة الرياضة وبشكل منتظم يزيد من كفاءة الدورة الدموية وبالتبعية كفاءة أداء المخ لوظائفه, فمرض الزهايمر من الأمراض التي يمكن تأجيل حدوثها باتباع نظام حياة اجتماعي وصحي وغذائي سليم.
هل تتبع مثل هذه القواعد في منزلك وتحرص على تناول أطفالك الخضراوات والفاكهة الطازجة بكثرة?
وربما أكثر من ذلك, فممنوع منعا باتا على سبيل المثال تناول الوجبات الجاهزة والمياه الغازية بشتى أنواعها والنوم بين التاسعة والعاشرة مساء على أقصى تقدير والاستيقاظ مبكرا وهناك قواعد عامة, فيومياً يجب شرب المياه بكثرة وأكل الفاكهة والخضراوات الطازجة بين الوجبات وإعداد جميع أنواع السلطات سواء في وجبة الإفطار أو الغداء أو العشاء التي تكون في مواعيد منضبطة, ولا أكتفي بذلك فدائماً أحرص على أن يرى أبنائي أفلاما وثائقية عما يحدث داخل الجسم عندما تدخل به الأشياء التي أحذرهم منها وكيف يترسب الكوليسترول والمواد المسببة لكل الأمراض السرطانية وكيف أن الخضراوات والفاكهة والمياه تحمي خلايا المخ من الضمور, كما لا أتوقف عن اختبار ذكائهم وذاكرتهم وقدرتهم على التركيز والفهم فكلما ظل المخ متيقظا حال ذلك دون مهاجمة الأمراض الذهنية له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق