التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحالة النفسية عند المسنين

الحالة النفسية عند المسنين

تعتبر الحالة النفسية عند المسنين محصلة لعدة عوامل يؤثر كل منها سلباً أو إيجاباً بدرجة أو بأخرى على نفسية المسن لتتشكل حالته النفسية في النهاية، وبذلك فإن الحالة النفسية عند المسنين ليست حالة نمطية واحدة تشمل الجميع وإنما لكل فرد منهم حالته الخاصة تبعاً لتعرضه لتأثير العوامل المختلفة ومدى تأثره بها، ولذلك تبدو هناك خلافات كثيرة بين المسنين في البيئات المختلفة بل وفي البيئة الواحدة لتجعل حالة كل منهم خاصة به وحده.


وقد يبدو مفيدا أن نقسم هذه العوامل التي تؤثر في الحالة النفسية للمسنين إلى مجموعتين: الأولى هي مجموعة الأحداث التي يمر بها الفرد في مرحلة ما قبل الشيخوخة من الطفولة والشباب، والثانية هي تلك الأحداث التي يواجهها الفرد عند دخوله مرحلة الشيخوخة، وتشمل المجموعة الأولى كل ما يحدث للفرد من طفولته وحتى شيخوخته في صحته البدنية والنفسية وعلاقاته الاجتماعية والبيئية من تعليم وتربية وعمل وزواج وأمراض وإصابات وأفراح وأتراح ومكاسب وخسائر وآمال واحباطات ونجاحات وإخفاقات كلها تؤثر بطريقة أو بأخرى على الحالة النفسية مضافاً إليها قدرة الفرد على التكيف أو الصراع والتخلص من الآثار أو الاستسلام لها.

وتشمل المجموعة الثانية وهي أيضاً بذات الأهمية ما يحدث للفرد عند دخوله سن الشيخوخة من كيفية استقباله هو لهذه المرحلة وكمية ونوع المفتقدات فيها مثل فقدان العمل أو الزوج أو ابتعاد الأولاد أو عدم الأمان المادي ثم نظرة المجتمع والبيئة العائلية للمسن نفسه، ثم قيمة الدور الذي يلعبه المسن وأهمية هذا الدور لنفسه وللآخرين وبقدر الإيجابية أو السلبية في هذه العلاقة بين المسن والمجتمع بقدر ما تكون عليه الحالة النفسية.

وقد أثبتت الدراسات الطبية أن نسبة التغيرات البيولوجية وحدها هي التي تؤثر على المسن وأن كيفية رؤية المسنين للعالم من حولهم وكذلك رؤية العالم لهم بمعنى أن العلاقة المتبادلة بين المسن ومن حوله لها تأثير هام في حالته النفسية.

كما أثبتت تلك الدراسات أن التدهور أو الاضمحلال في النشاط العقلي والتركيبة الشخصية والسلوك الاجتماعي ليست بالضرورة قيمة لدى كبار السن جميعهم وإنما يعتبر البعض منها أعراضاً لأمراض ومشاكل تستوجب البحث والعلاج.،

ونتيجة أخرى مستخلصة من تلك الدراسات أن الوظائف العقلية كالوظائف البدنية تحتفظ بالحيوية طالما تمت استثارتها وتدريبها واستخدامها وتصبح عرضة للتدهور والانحدار بالإهمال وعدم الاستعمال.

وتحتل التغيرات العقلية في المسنين درجة أكبر من الأهمية عن التغيرات الجسدية وذلك لتأثيرها السلبي على حياة المسن وعائلته نظراَ لصعوبة التمييز بين ما هو طبيعي منها وما هو مرضي يستدعي البحث والعلاج.

من هذه التغيرات ما يحدث مثلاً للذاكرة حيث يفقد بعض المسنين الذاكرة للأحداث القريبة ولكنهم يحتفظون بذاكرة الأحداث البعيدة ولذلك يحلو لهم الحديث عن الماضي والذكريات القديمة، كذلك يتجه التفكير لديهم إلى البطء والتحفظ والهدوء فهم ليسوا في عجلة من الأمر وهو ما يعطيهم صفة الحكمة بالإضافة إلى حصيلتهم من التجارب والمعلومات وهو ما يعرف باسم »الذكاء المتبلر« أو الراسخ، وهو لا يتأثر كثيراً بتقدم العمر بعكس »الذكاء السائل« أو الجاري وهو السرعة في مواجهة المواقف، وهنا يبدو الأمر هاماً في معاملة المسنين ومراعاة هذا الفرق في القدرة العقلية ولا يعني هذا عدم قدرة المسن على التعلم بل يظل محتفظاً بقدرته على التعلم فقط يحتاج إلى وقت أطول، كذلك يميل بعض المسنين إلى المبالغة في قدراتهم وصفاتهم يصاحب ذلك قدر من التركيز على الذات وقد تظهر على البعض منهم مظاهر الغيرة والأنانية ومحاولة الاستئثار بالاهتمام ولفت الانتباه والحرص الشديد على الممتلكات الشخصية مهما كانت قيمتها وقد تظهر على البعض منهم صفات الشك وخاصة في أي جديد والانتقاد المستمر لتصرفات الآخرين وعدم الثقة والتهوين أو المبالغة في أحداث الحياة اليومية كما قد يقود ذلك إلى نوع من عدم السيطرة على المشاعر وعدم الاكتراث بضوابط السلوك وربما يصل الأمر إلى الانسحاب والعزلة بما يمثله ذلك من خطر على حياة المسن.

وقد تفسر هذه التغيرات ما يعرف بالفجوة بين الأجيال فالأجيال القديمة لا يعجبها الجديد ولا تتقبله بسهولة وترفض التعامل معه وتحن دائما إلى القديم وتنتقد الأجيال الجديدة ربما إلى حد الصدام، ولكن إذا عرفت أسباب ذلك فمن الممكن فك الاشتباك وردم الفجوة التي تفصل بين القديم والجديد ويتم التواصل عبر الحوار وليس الصدام.

ونستطيع القول إن سلامة الحالة النفسية للمسنين تتطلب تأمين الاحتياجات المادية في كل جوانبها وكذلك تأمين الحاجات النفسية ليس بالعواطف وليس بالإحسان وإنما بتهيئة المناخ للمسن كي يحتفظ بدور مشارك في الحياة يشعر فيه بأهميته ويتواصل في علاقات اجتماعية تعوض له مفتقداته وتملأ كل الفراغات الموحشة التي قد تحيط به

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصائح السلامة المنزلية لكبار السن

نصائح السلامة المنزلية لكبار السن    كبار السن معرضون بشكل خاص لمخاطر المنزلية و الرعاية المنزلية يمكن أن تساعد في  منزل آمن عوامل السلامة الرئيسية لكبار السن ما يلي :   التهوية من العوامل المهمة أيضًا حيث يجب المحافظة على التهوية المستمرة للمنزل وتفادي الروائح الكريهة وذلك عن طريق فتح النوافذ في الأوقات المناسبة ولمدد غير طويلة حيث يجب تجنب تيارات الهواء الشديدة في الغرف، ويجب تهوية الأغطية مع المحافظة على نظافتها، ويراعى تجنب استخدام معطرات الجو أو مزيلات الروائح التي تحتوي على مواد كيماوية حيث إنها تؤثر على صحة المسنين.  تعتبر «دورة المياه» الحمام من أماكن الخطورة في المنزل بالنسبة للمسنين والتي يجب مراعاة بعض الاعتبارات في تصميمها، حيث يلزم الاهتمام بتوافر الإضاءة الجيدة بدورة المياه، ويجب مراعاة أن تكون صنابير المياه بها سهلة الاستخدام، وتجنب أن يكون مقبض الصنبور دائريًا لأنه يحتاج إلى مزيد من الجهد في الفتح، والصنبور المناسب للمسن هو الصنبور البسيط الذي يكون له قطعة واحدة يتم تحريكها مرة واحدة للفتح ومرة أخرى للقفل، ويجب التمييز بين صنبور الماء الساخ...

النظام الغذائي للمسنين

 النظام الغذائي للمسنين المسنين بحاجة إلى الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن إلى جانب اتباع أسلوب حياة نشط.  الكالسيوم والفيتامين "د":  يحتاج كبار السن إلى تناول الكالسيوم والفيتامين "د" بمعدل أعلى للحفاظ على صحة عظامهم. بالتالي، يوصى بتناول ثلاث حصص من الحليب أو اللبن المدعّم قليل الدسم أو خالي الدسم الغني بالفيتامين (د) يومياً. وتشمل الأطعمة الأخرى الغنية بالكالسيوم حبوب الإفطار المدعّمة به والخضروات ذات الأوراق الداكنة والأسماك المعلبة المحفوظة مع الحسك اللين الفيتامين "ب 12":  لا يحصل العديد من كبار السن على الكمية الموصى بتناولها من الفيتامين "ب 12". بالتالي، يمكنك تزويدهم بالكمية التي يحتاجون إليها عبر تناول الحبوب المدعمّة والأسماك واللحوم الخالية من الدهون. الألياف:  وهي عنصر غذائي ضروري للحفاظ على صحة الأمعاء وانتظام عملها. يعتبر خبز الحبوب الكاملة والحبوب الكاملة والفاصولياء والبازلاء من الأطعمة الغنية بالألياف. البوتاسيوم:  توفر الفواكه والخضروات الحليب أو اللبن قليل الدسم أو خالي الدسم مصادر جيدة للبوتاسيوم. وقد تفيد زيادة تناول المنتج...

كبار السن المصابون بأمراض القلب يحتاجون إلى رعاية خاصة

كبار السن المصابون بأمراض القلب يحتاجون إلى رعاية خاصة اولا: ان أغلب امراض القلب تحدث في كبار السن وبالذات فشل القلب وكذلك الغالبية العظمى يأخذون مجموعة من الادوية للفترة المتبقية من اعمارهم، فينصح بأن لا نضيق عليهم سواء في المأكل (فمثلا منع الملح نهائيا عن الأكل في مرضى الضغط) او المشرب (مثل قصة الرجل أعلاه) او في الزيارات: (فمثلا منعهم من زيارة المرضى خوفا على صحتهم ان تنقل اليهم الامراض بالعدوى) او من الذهاب الى المسجد خوفا من سقوطهم... الخ. وعلى الرغم من ان الأسرة تتصرف بهذه الطريقة من منطلق الحرص والشفقة على كبير السن لديهم، الا أن الحرص المفرط قد يؤدي بكبار السن الى الاكتئاب والاحباط وملازمة غرفهم ليلا ونهارا، وبالتالي ترك ادويتهم الاساسية او التظاهر بأخذها امام العائلة.  وقد يوجد أمثلة حية على ذلك، فكم اشتكي بعض ابائنا وامهاتنا من كبار السن من تضييق أهليهم عليهم في المأكل أو في المشرب، وفي المقابل فهي ليست دعوة مفتوحة لأهمالهم غذائيا وجعلهم يأكلون ما يشاؤون من نافع وضار بالكميات التي يريدونها، وانما المقصود الاعتدال والمراقبة واعطاء النصح في كل ذلك ومهما كلف الأمر ل...